قيد التنفيذ

صنع في العراق: مصانع معطلة وشركات خاسرة وقضايا فساد كبرى مقابل خطط حكومية لانعاش الصناعة

تعهد السيد الكاظمي في المنهاج الوزاري لحكومته تبني مشروع اطلق عليه اسم صنع في العراق لتشجيع الصناعة المحلية والانتاج الزراعي في وقت تشهد فيه الصناعة الوطنية تحديات كبيرة، اذ معظم شركات الوزارة تصنف بانها شركات خاسرة، ومع وجود ما لا يقل عن 80 مصنعا معطلا، وخمس مدن صناعية توقف العمل فيها منذ الحكومات السابقة، والاف المشاريع الصناعية التي مازالت قيد التاسيس. هذا التحقيق يسلط الضوء على مؤشرات الانجاز الفعلية حتى شهر شباط 2020 في مجال الارتقاء في الصناعة العراقية. 

ما هو مشروع صنع في العراق؟

وعد حكومي تعهد به السيد الكاظمي ضمن محور اصلاح القطاع الاقتصادي في المنهاج الوزاري لتشجيع الصناعة المحلية والانتاج الزراعي والحيواني. ولهذا المشروع جانب صناعي يتمثل باعادة الشركات والمصانع المتوقفة عن العمل، والشركات الخاسرة التابعة الى وزارة الصناعة والمعادن وتكلف الدولة مبالغ كبيرة لتشغيلها.

اشر فريق المرصد بدء تنفيذ هذا المشروع عبر اتخاذ مجلس الوزراء قرارا وجه وزارة الصناعة والمعادن بتشكيل لجنة مختصة تعمل على صياغة الرؤى النهائية للمشروع، في الجلسة الثانية لمجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 12 ايار 2020. وصادق مجلس الوزراء على خطة الوزارة بشكلها النهائي في تموز 2020.

تضمنت خطة وزارة الصناعة والمعادن ثلاث مراحل للارتقاء بواقع الصناعة العراقية ولم يتم نشر نسخة رسمية من الخطة الحكومية، لكن وزير الصناعة والمعادن السيد الخباز اعلن ان المرحلة الاولى منها امدها عام كامل، وستقتصر على الشركات والمصانع التابعة للوزارة عبر اعادة تشغيل المصانع المعطلة وتحديث خطوط انتاج المصانع المنتجة حاليا وزيادة عدد منتوجاتها، وزيادة عدد الشركات الرابحة، والدخول بشراكات مع القطاع الخاص العربي والعالمي لانتاج انواع جديدة من السلع.

لم يتم الاعلان بشكل رسمي عن تفاصيل المرحلتين المتبقيتين على المدى المتوسط والطويل من الخطة الحكومية، لكن هدفها النهائي هو الوصول الى مرحلة تصدير المنتوج المحلي الى الخارج، وهذه العملية ستمر عبر مراحل مختلفة، اولها ان يعاد الثقة بالمنتوج العراقي، بحيث يقبل على شرائه المؤسسات الحكومية والمواطنين، وعند وصول الانتاج الى مرحلة الاكتفاء محليا يطرح للتصدير.

مؤشرات رصد واقع الصناعة الحالي بحسب البيانات الرسمية

تمتلك وزارة الصناعة والمعادن 29 شركة، 27 شركة منها هي شركات خاسرة واثنان منها رابحة فقط. يبلغ عدد المصانع الحكومية الاجمالي 288 مصنعا، مازال 83 منها متوقفا عن العمل وتصل نسبة الاضرار في بعضها الى 90% لاسيما تلك الواقعة في المناطق الشمالية والغربية. تنتج جميع شركات ومصانع الوزارة 813 منتجا، اكثر من ثلثها (356) هي منتوجات دوائية، و 311 منها منتوجات النسيج. موازنة وزارة الصناعة والمعادن (1/12 من موازنة 2019) قدرت بـ ترليون ومئتين مليار دينار عراقي، 89 مليار دينار عراقي منها فقط مخصصة  للمشاريع الاستثمارية، والبقية نفقات تشغيلية. يبلغ عدد المدن الصناعية المقرر انشاؤها في العراق 9 مدن، اربعة منها مخطط لها قبل عام 2003 وتم اقتراح انشاء مدينة صناعية جديدة بعد عام 2003، وجميعها غير مكتملة.

ما هي خطة وزارة الصناعة والمعادن ضمن المرحلة الاولى:

اولا: اعادة 83 مصنعا معطلا الى العمل، وتحديث خطوط انتاج بعض المصانع المنتجة حاليا.

ثانيا: زيادة عدد الشركات الرابحة عبر طرحها الى الاستثمار نظرا لكون الدولة لا تستطيع الانفاق اكثر على شركات هي في الاساس خاسرة.

ثالثا: اكمال العمل للمشاريع الصناعية تحت التأسيس والبالغ عددها 5355 موزعة على عموم محافظات العراق بضمنها اقليم كردستان.

رابعا: متابعة واكمال انشاء اربع مدن صناعية (المدينة الصناعية في البصرة، ذي قار، نينوى والانبار) تم التخطيط والشروع ببناؤها قبل عام 2019، ورغم ان المدينة الصناعية في الانبار على الحدود العراقية الاردنية هي احدثها لكنها الاكثر احتمالا بالانجاز ضمن المدة المحددة.

خامسا: حماية المنتج العراقي، وذلك بالشروع بالتوصية عبر مجلس الوزراء بتعديل البيئة التشريعية، وضبط الكمارك والمنافذ الحدودية، وفرض قيود تمنع اغراق السوق العراقية بالمنتوجات المستوردة.

ما الذي تم انجازه حتى الان؟

الهدف

بدء التنفيذ

متابعة التنفيذ

نسبة الانجاز

اعادة 83 مصنعا معطلا الى العمل

بحسب بيانات الوزارة الرسمية تم اعادة 12 معملا الى العمل حتى الان.

20%

تحديث خطوط انتاج 288 مصنع

لا يوجد بيانات رسمية كافية لمتابعة هذا المؤشر

يجري التحقق منه

تحويل 29 شركة تابعة للوزارة الى شركات رابحة

عدد الشركات الرابحة اثنان فقط، لا يوجد قدرة لدى الحكومة للانفاق على هذه الشركات وتم طرحها للاستثمار

0%

متابعة واكمال انشاء اربعة مدن صناعية

المدينة الصناعية في البصرة

تم اعادة العمل بانشائها خلال مدة عمل الحكومة الحالية

توقف العمل بها بسبب القرار 347 وعدم توفر التخصيصات المالية وعرضت للاستثمار

نسبة الانجاز 33%

المدينة الصناعية في ذي قار

تم اعادة العمل بانشاؤها

تم اكتمال معظم البنى التحتية، وتمليكها ارضها الى وزارة الصناعة والمعادن والاعلان عنها كفرصة استثمارية

الانجاز النهائي متوقف لحين اكتمال محطة توليد الكهرباء فيها.

نسبة الانجاز 98%

المدينة الصناعية في الانبار

تم اعادة العمل بانشائها

يجري العمل بتنفيذها واكتملت البنى التحتية لها بنسبة 66% وطرحت للاستثمار

المدينة الصناعية في نينوى

توقف العمل فيها لحين تحويل ملكية ارضها الى وزارة الصناعة والمعادن من اجل طرحها للاستثمار.

اكمال اكثر من 5000 مشروع صناعي في مختلف محافظات العراق.

بدء التنفيذ، لكن نسبة الانجاز لم يتم الاعلان عنها حتى الان.

حماية المنتج العراقي عبر التشريعات وتقييد دخول المواد المستوردة وضبط المنافذ الحدودية

بدء التنفيذ ويجري التحقق منه

وفي اطار اعادة الثقة بالمنتوج العراقي، عقدت وزارة الصناعة والمعادن مؤتمر "صنع في العراق" اواخر شهر كانون الثاني بمشاركة 30 شركة من وزارة الصناعة والمعادن والقطاع الخاص، ولا تعدو هذه الخطوة اكثر من كونها احدى وسائل الوزارة في الترويج للمنتوج العراقي، ودعوة مؤسسات الدولة الى الاعتماد على المنتوج المحلي. ولا توجد لدينا بيانات دقيقة تؤكد نسبة زيادة الشراء او التعاقد مع شركات الوزارة.

تحديات الصناعة العراقية ومواجهة قضايا فساد كبرى طالت الصناعة العراقية طيلة الاعوام الماضية

يتداول مجموعة من البرلمانيين ووزراء سابقين للصناعة والمعادن معلومات خطيرة تتعلق بتحديات تشغيل المصانع وتطوير الشركات التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، بضمنهم الوزير الحالي السيد الخباز. وفقات لتصريحات رسمية، وضح هؤلاء المسؤولين ان قوى سياسية متننفذة، واخرى ذات طابع مسلح تعمدت تعطيل الصناعة العراقية، وضغطت على وزراء سابقين لابطاء تطوير واعادة تشغيل المصانع العراقية خدمة لدول اقليمية او لمنفعة تجار ولجان اقتصادية منتفعة من مصانعها الخاصة، او عن استيراد البضائع.

وزير الصناعة الحالي السيد منهل الخباز، اكد في مقابلة تلفزيونية عرضت على قناة الشرقية بتاريخ 6 شباط 2021 انه من بين 83 مصعنا متوقفا، يوجد 5 الى 6 مصانع لم يتم اعادتها الى العمل بسبب عدم وجود ارادة لاعادة تشغيلها، حيث صرفت الدولة مليارات الدنانير العراقية لشراء خطوط انتاج جديدة لها، وبقت المعدات في المخازن لسنوات طويلة. من بين هذه المصانع مصنع كبريت المشراق الذي استورد له خط انتاج بقيمة 79 مليار دينار عراقي ووصل الى العراق عام 2014 لكن المعدات بقت في المخازن ولم يتم نصبها حتى وقت استلام الوزير الحالي. وقدر الخباز وجود 6 مصانع من هذا النوع بعد صرف مبالغ خطوط انتاجها واستيرادها بالكامل ولكن لم يتم نصبها، بضمنها مصنع متكامل لشركة الصناعات الانشائية.

كما وضح الوزير، من بين اسباب كون 27 شركة من اصل 29 هي شركات خاسرة، يتعلق ببيع منتجات هذه الشركات بسعر مدعوم واقل من التكلفة مما تسبب بخسارة اموال طائلة، وتعتبر الشركة العامة للسمنت احدى هذه الشركات حيث كشف الوزير انه اوقف بيع 5 ملايين طن من السمنت كانت مباعة بسعر اقل من التكلفة.

وتبقى مساءلة توفير السيولة المالية واحدة من اكبر التحديات التي تواجه الصناعة العراقية، اذ بحسب احصائيات الموازنة العامة مازالت التخصيص الاكبر من الموازنة الاستثمارية يتم انفاقها في قطاع النفط الريعي (34.6%) خلال السنوات العشر الاخيرة، في حين تبلغ موازنة وزارة الصناعة ككل ترليون ومئتان مليار دينار عراقي، نسبة ما مخصص منها للاستثمار ضمن موازنة الوزارة يبلغ اقل من 10%.

وفميا يخص قضية المنافذ الحدودية، رغم عدم دقة البيانات الحالية، لكن بلغ اجمالي الاستيرادات عام 2018 بحسب تحقيق اجرته مؤسسة نيريج للتحقيقات الاستقصائية 37 مليار دولار مقابل ايرادات من الكمارك تصل نسبتها الى 3% من قيمتها (مليار ونصف)، في الوقت الذي يجب ان تكون النسبة لا تقل عن 10% كما هو متعارف عليه عالميا.

02-03-2021
Admin