النشرة الشهرية للمرصد

النشرة الشهرية للمرصد: تحديث مؤشرات انجاز المنهاج الوزاري لغاية شهر شباط 2021

تميزت الحكومة السابعة، ابان تمريرها في مجلس النواب، انها جاءت لفترة زمنية قصيرة لا تزيد عن عام وتنتهي باجراء الانتخابات المبكرة. وهذا تطلب من الحكومة ان تتعهد بتنفيذ برنامج حكومي يتسم بوضوح الاهداف، تنسجم فقراته مع ايجاد حلول سريعة لمطالب الاحتجاجات والتحديات الصحية الاقتصادية التي عصفت بالبلد نتيجة انتشار الجائحة وانخفاض اسعار النفط. عملت الحكومة خلال الشهور الاولى لتشكيلها فعلا على تشكيل عشرات اللجان المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء واعطيت صلاحيات استثنائية للشروع بتنفيذ وعود المنهاج الوزاري، كما انها صوتت في اجتماعات مجلس الوزراء على خطط قدمتها الوزارات المعنية بالتنفيذ لا تزيد عن عام.

رصد فريق مشروعنا نسبة شروع بالتنفيذ عالية مقارنة بالحكومات السابقة، لكن معظم البيانات ذات الصلة بالتنفيذ قامت الحكومة بحجبها لاسباب غير معروفة. ومع اقتراب مرورة ستة اشهر على اكتمال الكابينة الوزارية مطلع كانون الاول الماضي، تم ايقاف العمل بعدد من فقرات المنهاج الحكومي، وخرج مؤشر تنفيذ بعضها الاخر عن الجدول الزمني المحدد لها، وشرع الفريق الاعلامي الحكومي بتسويق منجزات ضخمة للحكومة عبر بيانات اعلامية ومؤتمرات صحفية مبالغ بها تزامنت مع توقف العمل بالتنفيذ، كما تم التاكد ان بعض هذه المنجزات التي تم نشرها عبر الموقع الرسمي لرئيس الوزراء او موقع الامانة العامة تتضمن محتوى ومعلومات مضللة. في التقرير التالي، يطرح فريق مراقبة البرنامج الحكومي اخر تحديث على قياس نسبة انجاز فقرات المنهاج الوزاري لغاية شهر شباط 2021، تمهيدا لاطلاق اول تقرير رصين عن نسب الانجاز في شهر حزيران 2021.  

تكون المنهاج الوزاري الذي صوت عليه مجلس النواب في السادس من ايار 2020 من 38 وعدا مقسمة على ثمانية محاور، وجاءت بعض فقرات المنهاج، لاسيما الوعود الواردة في محور الاولويات على انها تمثل اولوية تعهدت الحكومة بتحقيق نسب انجاز معقولة فيها، تحت ضغط الاحتجاجات، خلال مدة وجيزة. ونؤشر في نشرتنا هذه، وبعد متابعة دقيقة ان الحكومة شرعت في بدء العمل على تنفيذ 28 وعدا ورد في المنهاج الوزاري (80% من فقرات المنهاج الوزاري) خلال الاشهر الثلاث الاولى من استلامها مهامها، بالمقابل مازالت هناك 10 وعود لم يتم رصد اي تحرك حكومي بشأنها. في الغالب تمثلت الوعود التي لم تشرع الحكومة حتى الان بتنفيذها بانها ذات اهداف عامة ولا يمكن قياس انجازها بالتالي كان انجازها من البداية موضع شك، في حين تطلبت الفقرات الاخرى الواردة من المنهاج الى موارد وصلاحيات، وتوقيتات زمنية اطول لم يعمل لها حساب، وهو خطأ شائع دائما ما تقع فيه الحكومات المتعاقبة بعد 2003. تمثل عملية الشروع بالتنفيذ وفق منهجية المرصد نسبة انجاز لا تقل عن 25%، على ان تتضمن اجراءات التنفيذ، اصدار القرارات الحكومية الملزمة لتسهيل التنفيذ، وتخصيص الموارد المالية اللازمة، واحالة الوعد الى مؤسسة او لجنة يقع ضمن صلاحياتها التنفيذ. ويقوم المرصد بالتاكد من خطوة نهائية هي التاكد من ان المؤسسة او اللجنة المعنية بالتنفيذ وضعت الوعد المحال لها على جدول اعمالها وشرعت بالاستعدادات.

فقرات المنهاج الوزاري التي لم تشرع الحكومة بتنفيذها حتى الان
1 تشكيل المجلس الاعلى للاعمار والاستثمار وفق تشريع قانون  لم يتم رصد اي اجراء او قرار حكومي لبدء التنفيذ
2 ترسيخ قيم المواطنة مع احترام التنوع الديني والمذهبي والعرقي والقومي في العراق الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
3 تطوير وتحديث المؤسسات التعليمية والتربوية والبحثية والعناية بالثقافة والتراث الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
4 تطوير الاداء المصرفي العراقي من خلال تعزيز الثقة بالمصارف العامة والخاصة وتطبيق المكننة في المصارف لم يتم رصد اي اجراء او قرار حكومي لبدء التنفيذ
5 مبدأ التعاون في العلاقات الخارجية: الاسهام في حل الازمات الاقليمية والدولية والتعاون الامني والاستخباري لمكافحة الارهاب.  لم يتم رصد اي اجراء او قرار حكومي لبدء التنفيذ
6 احترام سلطة الهيئات القضائية وتوفير الحماية لها لتقوم بدورها الوطني في التصدي للخارجين عن القانون.  الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
7 تفعيل تطبيق القوانين والتعليمات الداعمة لاستقلالية السلطة القضائية ولوائح الدولة بخصوص النظام القضائي مع مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات.  الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
8 التعاون بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لدعم استقلالية القضاء.  الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
9 تشجيع الاستثمار في مجالات السياحة والتكنولوجيا والاتصالات والمواصلات.  الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه
10 مراعاة التوازن في تمثيل مكونات المجتمع في الجيش الهدف من الوعد غير محدد ولا يمكن تتبع تنفيذه

لكن رغم بلوغ نسبة الشروع بالتنفيذ الى 80%، وحتى بعد مرور 10 اشهر على تشكيل الحكومة، مازالت نسبة التقدم في الانجاز بطيئة للغاية. ومن بين 28 وعدا شرعت الحكومة بتنفيذها، هناك ثلاثة وعود فقط قارب مؤشر تنفيذها نصف الانجاز (50%). احدها (اجراء الانتخابات المبكرة) الذي اصبح خارج مؤشرات التصنيف بسبب عدم ايفاء الحكومة بتنفيذها ضمن السقف الزمني المحدد (لمدة عام على تشكيل الحكومة). بقية الوعود اما ان نسب انجازها لم تصل الى 35% او تم ايقاف العمل بها لاسباب غير معلنة.

فقرات المنهاج الوزاري التي قاربت او تجاوزت فيها نسبة الانجاز الى النصف 50%
1 اجراء انتخابات مبكرة بعد استكمال القانون الانتخابي من قبل السلطة التشريعية، ودعم مفوضية الانتخابات. خارج مؤشر التصنيف بعد تجاوز المدة الزمنية المحددة للتنفيذ.
2 توفير كل الامكانيات اللازمة لعودة النازحين الى ديارهم وغلق ملف النزوح انجز بنسبة 45%
3 انتاج رؤية وطنية مشتركة للتفاوض بشأن مستقبل تواجد قوات التحالف الدولي.  انجز بنسبة 60%

في ذات السياق، فان عدد من الوعود الحكومي اخلت الحكومة بتنفيذها كما تعهدت في المنهاج الوزاري. على سبيل المثال، تضمن المحور الاول من المنهاج الوزاري النقطة رابعا، تعهد الحكومة باعداد مشروع قانون موازنة استثنائي يعالج الازمة الاقتصادية التي كانت في اوجها ابان تسلم السيد الكاظمي منصبه. لكن الحكومة عوضا عن ذلك، قامت بارسال موازنة الى مجلس النواب منتصف ايلول الماضي هي عبارة عن بيان نفقات الحكومة وملحق معها طلب للاقتراض. وفسرت الحكومة وعدها باعداد مشروع موازنة للعام 2021 ويتم اعدادها بناء على خطة اصلاح اقتصادية "الورقة البيضاء" والتي اقرها مجلس الوزراء منتصف تشرين الاول 2020. بعض الوعود الحكومية كما وضحنا، توقف العمل فيها  لاسباب غير معلنة بعد الشروع بالتنفيذ، منها تشكيل مجلس استشاري شبابي تطوعي يرتبط بمكتب رئيس الوزراء. في حين اعلن مسؤولين حكوميين عن صعوبة تنفيذ وعود اخرى، اتضح بعد دراستها ان تنفيذها قد لا يحقق النتائج المطلوبة، او لان الحكومة لا تملك الوقت او الموارد اللازمة للتنفيذ. مثال ذلك، تعهد الحكومة بتقليص عجز الموازنة عبر التفاوض مع اوبك واستعادة حصة العراق النفطية التي تم اقتطاعها، او عبر الاقتراض من البنك الدولي.

فقرات المنهاج الوزاري التي تم ايقاف العمل بها او لم تستطع الحكومة تنفيذها لاسباب ثانوية 
1 تشكيل مجلس استشاري شبابي تطوعي مرتبط بمكتب رئيس الحكومة يمثل المحافظات العراقية كافة. تم احالة الملف الى وزارة الشباب والرياضة وايقاف العمل به لاسباب لم تعلن
2 فتح مفاوضات جادة لاسعادة حصة العراق التي تقصلت مؤخرا، وستتعاون الحكومة مع المؤسسات المالية الدولية (كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي) لتطوير البرامج الكفيلة بالحد من اثار الازمة الاقتصادية، خصوصا فيما يتعلق بتخفيض عجز الموازنة والادارة الكفوءة للموارد المالية.

ـ التزام العراق باتفاق اوبك واعلنت الحكومة ان الالتزام يصب بمصلحة العراق.

ـ البنك الدولي وصندوق النقد لا يمول عجز في الموازنة وانما مشاريع فقط تتطلب دراسات ووقت.

3 تعملُ الحكومة مع مجلس النواب على تطوير التشريعات اللازمة لتنظيم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والمحافظات غير المنتظمة باقليم وفق مبدأ اللامركزية الادارية المعتمد دستوريا،وبما يضمن التوزيع القانوني للصلاحيات ومنع تداخلها. قدمت الحكومة مشروعا متكاملا بهذا الصدد الى مجلس النواب لكن مجلس النواب رفض التعاون مع الحكومة لانجاح المشروع.  
4 مكافحة الفساد عبر استرداد المال العام المسروق داخل العراق وخارجه درس مجلس الوزراء انشاء مؤسسة معنية بهذا الصدد لكن اتضح ان سياقات استعادة الاموال المهربة خارج العراق يحتاج الى سياقات قانونية طويلة الامد.

اما فيما يتعلق بانعاش الصناعة والزراعة، فقد ورثت حكومة الكاظمي تركة ثقيلة عن الحكومات السابقة تمثلت بوضع صناعي متردي للغاية. ورغم تعهد الحكومة باطلاق مبادرة "صنع في العراق" بهذا الصدد، لكن هذه المبادرة في الوقت الراهن اقتصرت ضمن الاهداف قصيرة المدى على اعادة المصانع التابعة الى وزارة الصناعة الى العمل، وطرح الشركات الخاسرة الى الاستثمار. يذكر انه من بين 29 شركة تابعة الى وزارة الصناعة هناك شركتان فقط رابحتان والبقية تنفق عليها الدولة اموالا دون ربح. في حين مازال هناك 83 مصنعا حكوميا من بين 288 مصنع تابع الى الوزارة توقف عن العمل بحسب اخر احصائية صدرت عن وزارة الصناعة. علما ان ثلثي انتاج الهيئات و المصانع التابعة للوزارة هي منتوجات دوائية ونسيج. 

بعض الوعود الحكومية اصبح من المتعذر معرفة نسب الانجاز فيها، لان الحكومة تعمدت حجب البيانات والمعلومات ذات الصلة. فلم تعلن الحكومة حتى الان اذا ما وصلت الى صيغة اتفاق نهائي مع حكومة الاقليم حول المشاكل العالقة، واهمها تسليم الاقليم اموال ما تم بيعه من النفط و 50% من موارد المنافذ الحدودية، رغم ان الحكومة مولت دفعتين من رواتب موظفي الاقليم. واعطت الحكومة تفسيرات متعددة فيما يخص وعدها بتطبيق العدالة بحق مرتكبي اعمال العنف خلال الاحتجاجات. ورغم انها شكلت لجنتين واحدة لاحصاء الشهداء والجرحى وتعويضهم، والثانية لتقصي الحقائق، لكن كلا اللجنتين لم تعلنا بشكل نهائي نتائج عملها. فما زال عدد كبير من عوائل الشهداء وجرحى الاحتجاجات لم يستلموا التعويضات، من جهة ثانية، تقول الحكومة بعد اعمال التقصي التي يفترض ان اللجنة باشرت بها نهاية العام الماضي، ان الحق الشخصي لمن وقع عليهم الضرر، يتعين عليهم رفع دعاوى الى القضاء وعلى القضاء ان يأخذ دوره في محاسبة المتورطين.

واسوأ الوعود اطلاقا، هو تهرب الحكومة ولاكثر من مرة من الاجابة على ما انجزته بشأن السلاح المنفلت، والمقصود به سلاح المجموعات التي تتخذ من الدولة غطاء لنفوذها، وليس سلاح العشائر او الجريمة المنظمة او الارهاب. اذ يبدو ان وزارة الداخلية لم تعد معنية بهذا الملف. في حين حاولت الحكومة حل ملف السلاح خارج اطار الدولة عن طريق مؤسساتها الامنية. في الوقت الذي يستمر فيه استهداف البعثات والمعسكرات الاجنبية على الارض العراقية، وعمليات اغتيال الناشطين.

ويبقى رصد الاداء الحكومي في ظل غياب بيئة قانونية تعطي للمواطنين الحق بالحصول على المعلومات امرا صعبا، فعندما تحجب الحكومة البيانات ذات الصلة بانجازاتها، وتستعيض عنها باصدار تقارير وتصريحات اعلامية، من الطبيعي في هذه الحالة ان تكون الرواية الحكومية محل شك. وهو ذات الامر الذي اضطر فريقنا الى تدقيق وفحص عدد ضخم من البيانات التي نشرتها الحكومة عبر موقع رئيس الوزراء والامانة العامة للمجلس. ونقدر ان بعض التصريحات الحكومية جاءت متناقضة، او تم التعمد بتصدير منجزات غير حقيقية. على سبيل المثال، اعلنت الحكومة ضمن البيانات الاعلامية التي تصدر عقب انعقاد جلسات مجلس الوزراء ولاكثر من مرة، ان مجلس الوزراء وافق على تخصيص الاموال التي طلبها وزير الصحة لمكافحة الجائحة، او ان مشروع قانون موازنة 2020 الاستثنائي يجري اعداده، او ان وزارة الداخلية باشرت بالفعل بالتحقيق في عدد من قضايا المتختطفين والمغيبين. واتضح فيما بعد ان هذه البيانات غير صحيحة.

نترك بين يديكم اخر احصائية محدثة عن نسب انجاز المنهاج الوزاري حتى نهاية شهر شباط 2021، عبر اتباع الرابط ادناه، وننوه ان فريق العمل سيصدر تقريرا ختاميا متكاملا بعد مرور عام على اكتمال الكابينة الوزارية للحكومة في شهر حزيران القادم.

للاطلاع على كافة مؤشرات رصد تنفيذ المنهاج الوزاري يرجى النقر هنا

02-03-2021
Admin